1- الاساس النظري :
بدأت الاسس الفلسفية لهذه المدرسة في بدايات القرن التاسع عشر وتم تطويرها في القرن العشرين
أ- الفلسفة الظاهراتية
اسس ادموند هوسرل هذه الفلسفة ولكنها أتخذت شكلا ذاتيا مثاليا حاول هايدغر في الفلسفة الكلاسيكية القديمة ان يقربه الى الواقع , اساس هذه الفلسفة هي دراسة الحقيقة من خلال ما يظهر للمتلقي , وتعتبر الظاهر بمثابة حقيقة الموضوعات التي تكمن خلفها . ركزت الظاهراتية على التعامل مع التجربة المعاشة والحياة الفعلية والواقع المادي الملموس, في حين تقوم فلسفة هايدغر بالتركيز على الكينونة والوجود الاصيل الذي يحققه الانسان باختياره لاسلوب علاقته بالاركان الرباعية : الارض , السماء, المقدسات , الانسان , والتي هي ثوابت اساسية في كل زمان ومكان ..
ب – الفلسفة الوجودية : كان الظوهور الاول لهذه الفلسفة هو في منتصف القرن العشرين كتعبير مباشر عن اليأس واللامعقول ولا منطقي من السيطرة على لا انسانية العالم الغربي . تستمد الوجودية اساسها الفلسفي من الظاهراتية , والمفهوم الاساسي من لغتهم هو " الوجود " ويقصد به الحياة الروحية للفرد . ولا ينكر الوجوديون وجود عالم الاشياء الموضوعي ولكنهم يعتقدون " بانه لا وجود للعالم بدون الانسان ".
كما ان حياة الفرد الفكرية تأتي عندهم بالدرجة الاولى ...
وبالنسبة لعلاقة المادة بالفكر , فان الحل المثالي يكمن في وحدتهما اذ يقول هايدغر " العالم والذات متكاملان , والاثنان ليسا لثنين ولكنهما واحد " .
ومن ابرز دعاة الوجودية : كارل باسيرز ومارتن هايدغر في المانيا
وجان بول سارتر وغابريل مارسيل في فرنسا
ويمكن ايجاز ارائهم كما يلي :
1- تعلن الوجودية العداء للعلم ولا تتبع المناهج العلمية في نظرتها للحياة .
2- تدعو لتحرر الانسان من قواعد فكرية بالية يجعل الانسان نفسه اسيرا لهل .
3- لا تتعامل بمفاهيم اجتماعية , بل تخاطب الفرد مباشرة , أي انها فلسفة ذاتية تحاول انقاذ الانسان من المجموع ( كما ذكر بانها احتجاج عن عجز الانسان امام القوى الغاشمة التي قامت بالحروب العالمية )
2- اثر المدرسة الظاهراتية والوجودية في النقد الادبي:
يستحوذ النقد الظاهراتي على مساحة كبيرة من التراث النقدي الادبي .يعتبر غاستون باشلار (مفكر واديب وناقد فرنسي , كتب في فلسفة العلوم والنقد الادبي ),يُعتبر من اكثر مفكري القرن العشرين عمقا وتأثيرا , وهو مؤسس النقد الادبي الظاهراتي .
يرى باشلار ان على الناقد ان يكون ( ذاتيا وموضوعياً في آنٍ واحد وان " يحلم " مع الاثار لا أن يقتصر على " رؤيتها " بصورة جيدة ) . تأثر باشلار في التحليل النفسي وبصورة خاصة في طروحات يونغ " التي سيأتي ذكرها في مدرسة التحليل النفسي " فهو يميل الى الاخذ بمفهوم اللاشعور الجمعي الذي يصنع الصور البدائية للعالم الخيالي . وهو يتفق تماما مع النقَاد النفسيين في عدم كفاية النقد الكلاسيكي الذي يرد الخلق الى ما هو شعوري في الانسان " الذي يعتبر ان الضورة اما زمنية أو نسخة عن الواقع وينسى الوظيفة الشعرية التي هي في جوهرها اعطاء شكل جديد للعالم الذي لايوجد بصورة شعرية الا اذا اعيد تخيُّله باستمرار "
يقول باشلار " يخفي الخيال تحت اشكال لا حصر لها جوهرا ممتازا , جوهرا فعلا لا يحدّ من وحدة التعبير وتدرجه " وبذا فهو يؤكد على دور الخيال في نقد العمل الفني للوصول الى الجوهر .
بعد ذلك هجر باشلار النقد النفسي وتقرب من طروحات الفلاسفة الوجوديين امثال سارتر . واخيرا توصل الى رؤية ظاهراتية بحتة خاصة به تتلخص بما يلي :
1- عدم الاخذ بالماضي الثقافي , وعدم دراسة الشعر انطلاقا من قاعدة او مبدأ فلسفي , لان مثل هذا التوجه يمنع القصيدة الشعرية من أظهار واقعها الجوهري ( في هذا تأثرا مباشرا بفكر هوسرل : مقابلة الظاهرة وجها لوجه دون أي وسيط بين المتلقي وبينها).
2- للصورة الشعرية كيانها الخاص وديناميكيتها الخاصة , اذ يجب ان لا تعتير موضوعا او بديلا عن موضوع , بل يجب على المتلقي ان يستحوذ على واقعها الخاص المتميز.
وقد واجه باشلار نقدا كبيرا على منهجه لانه اهمل الصورة الاصلية للاثر وفي ذلك انكار لخطوات عملية الخلق , وانه يفصل رؤيته للعمل الادبي عن العالم الخارجي , وهي رؤية تجريد عال وبما يتوافق مع رؤية هوسرل :" التوجه الى الظاهرة ووضع العالم بين قوسين", وله مقولات عديدة مثل " هل العالم موجود , أم هو حلم " تدل على توجهات مغرقة بالمثالية