مصطفي كامل.. شاب مصري وطني تولي مسئولية الدفاع عن وطنه منذ سنوات شبابه الاولي وبذل في الدعوة لاستقلال مصر من الجهد ما أثر في صحته تأثيرا شديدا, فسقط شهيد الواجب وعمره 34 عاما وأصبح بذلك قدوة لشباب مصر جميعا.
وجاء كفاح مصطفي كامل من اجل مصر في وقت عصيب ليؤكد أن مصر لم تستسلم بعد هزيمة التل الكبير ونهاية ثورة احمد عرابي, حيث لم يكن ينقص المصريين بعد الهزيمة سوي استعادة المقاومة والكفاح, محاولا انقاذ الشعب المصري من حالة اليأس التي كان يعاني منها .
ويقول في هذا : ان في مصر فئة من الناس نسيت أن الامل داعي العمل فلبست ثياب اليأس وقضت بظنونها علي مستقبل الوطن, وجعلت مهمتها في الأمة تثبيط الهمم واقعاد العزائم, فلا تنادي في المحافل والاندية إلا بأن ليس لمصر حظ في المستقبل من الحرية والسعادة الاجتماعية. لأن شعبها قد مات من زمن طويل وليس لمفكر عاقل ان يري له مستقبلا جديدا ويري رجال هذه الفئة البائسة يصفون كل رجل يقوم بالدفاع عن حقوق البلاد المقدسة بعدم الخبرة وقصر النظر. وعندي أن الرجال البائسين وان كانوا اقل من القليل يضرون بلادهم أعظم ضرر بما يقولونه ويكررونه.
ومن أولي خطوات مصطفي كامل علي طريق تعبئة الشعب المصري قيامه عام1897 بتوجيه رسالة مهمة للاكتتاب الوطني لاجل التعليم ومن ثمة القي خطابا علي طلاب المدارس المصرية في يناير1898 يحثهم علي ضرورة التعليم ثم الاثرياء المصريين للتبرع شهريا للانفاق علي نظام التعليم القومي, ومن المطالب المهمة التي ارادها مصطفي كامل هي انشاء جامعة مصرية ومصطفي كامل من مواليد القاهرة عام1874 وكان ابوه مهندسا عسكريا. التحق مصطفي بمدرسة الحقوق عام1891 وحصل علي شهادة الحقوق من كلية تولوز الفرنسية عام1894.
اعتمد مصطفي كامل علي الخطابة وتنطيم المؤتمرات والصحافة لتعبئة الرأي العام المصري والرأي العام العالمي, وشرح قضية مصر الاولي وهي قضية الاحتلال البريطاني لمصر وطالب باستقلال البلاد.
أنشأ مصطفي كامل جريدة اللواء اليومية عام1900, ثم جريدة الا ستاندارد الانجليزية وأيتا نور الفرنسية.. وسافر الي أوروبا وفرنسا بالذات للدعوة والمطالبة بجلاء قوات الاحتلال البريطاني عن مصر.
فاذا كان مصطفي كامل رأي في فرنسا أداة للضغط علي غريمتها انجلترا, لكن بقيام الاتفاق الودي بين فرنسا وانجلترا عام1904 لم يعد مصطفي كامل قادرا قدرة تامة علي الضغط بفرنسا ضد المصالح الانجليزية في مصر.
كان اعتماد مصطفي كامل علي القصر لتدعيم القضية الوطنية في بداية حياته النضالية اعتمادا كبيرا وكان ذلك ما يجعله مرهق دائما فلم يكن يوضح صراحة موقفه المعادي لسياسة الخديو عباس انذاك وعندما وجد مصطفي كامل الفرصة للتخلص من دور القصر صرح بانتقادته للخديو علانية ففي عام1904 بباريس وقف مصطفي كامل علانية محتجا امام الخديو فما كان من الاخير إلا ان قال انه لا يهتم بالرأي العام المصري.
ومن التحديات الجسام التي واجهت مصطفي كامل ان علاقته بالكاتبة الفرنسية جوليت ادم ورفقائها من الكتاب لم يكونوا متحمسين له بسبب قضية استقلال مصر فقط بل لان فرنسا تري في مصالح انجلترا تهديدا مباشرا لها, بالرغم من ذلك حاول مصطفي كامل قدر المستطاع توجيه انظار المستفيدين في فرنسا لقضيته.
ولقد كان من اشد المواقف ايلاما في حياة مصطفي كامل هي حادثة دنشواي التي دعت اللورد كرومر( المندوب السامي لمصر) ان يستقيل امام الضغط الذي سببه الرأي العام في اوروبا, وما كان من مصطفي كامل إلا ان تفاعل مع ذلك الحدث ونشر مقالات نارية في الكثير من الصحف الأوروبية فكان لدفاع مصطفي كامل وجهوده الدولية اثر كبير في الافراج عن المسجونين في حادثة دنشواي.
وفي عام1907 أرسل رسالة لهنري كامبل رئيس وزراء بريطانيا في ذكري الاحتلال يؤكد فيها أن علي انجلترا ان تفي بوعدها لانهاء الاحتلال عن مصر, وفي العام نفسه يقوم مصطفي كامل بالاعلان عن تأسيس الحزب الوطني رسميا. وظل مصطفي كامل يقود الكفاح الوطني ضد قوات الاحتلال البريطاني ويدافع عن حقوق بلاده وهو لا يبالي بصحته حتي رحيله وهو في سن الشباب في10 فبراير1908 وتولي الكفاح بعده الزعيم محمد فريد ثم الزعيم سعد زغلول في ثورة1919 وثم ثورة23 يوليو1952.
المصدر موقع التاريخ