زائر الليل
في ظلمة الليل الحالك
وبينما السكون يعم الكون
صحي داخل امرأة راودتها أحلام الطفولة وهي نائمة
طفلة
تنادي من أنا ؟
أين كنت وأين أنت يا زئر الليل ؟
تناثرت دمعاتي على مخدتي
مثل قطرات الندى وحرارة البخار
فعرفت إني زرت مدينة طفولتي
أثناء نومي
آآه تلك المدينة التي أبحر بخيالي كلما ذكرتها
التي كان والدي معي فيها
وهو يداعب شعري بيداه الحنونتان
ويضمني بساعديه على صدره العطوف الدافئ
حتى أحسست بالقلعة العظيمة التي بناها لي داخل أسوار قلبه
شعرت بالدفئ في فصل الشتاء البارد
وبالربيع في فصل الصيف
رأيت قلعتي التي تطوقها فصول الحب والأمان
ويظهر على سماءه قمر أماني كل مساء
عندما يحل الظلام الحالك
وينزل السكون في أرجاء المكان
فيقول بصوت عذب خافت
نامي طفلتي فأنا حولك أترقب أنفاسك
وأعد نبضاتك
فتتبدد ظلمتي نوراً
وخوفي أمان
آه يا قلعتي آه يا مصدر أماني
أين أنت ؟
لقد أنهار كل ما حولي
تحولت قلعتي إلى مكان للأشباح لا أسمع فيها غير صدى صوتي
وغاب قمري فأسدل الظلام ستاره
وظهرت خفافيش الليل
فأصبحت كل فصول حياتي شتاء وصيف
أين سور الأمان والحب الذي طوق قلعتي ؟
أين أنت يا أبي ؟
ناديت وناديت وأنا أجوب أسوار قلعتي الخالية
أين اليدان التي أفتقدها شعري ؟
أين الصدر الذي كان يخفف من دقات قلبي عند خوفي ؟
أين حرارة جسمي ودفئه ؟
إذا حل الشتاء القارص على قلعتي
أين أنت يا أبي ؟
بدأت تنهمر دموعي دون توقف
حتى أحسست بحرارتها على وجنتي
بعدها أدركت إني كنت أحلم
وإن أبي قد رحل من الدنيا
بعد أن ترك داخلي فراغ يشدني إلى طفولتي كل مساء
منتظره زائر الليل
وفجأة وقفت بكل وعيي
ونظرت إلى نفسي
فإذا أنا لم أعد تلك الطفلة
لقد كبرت
ولكن
كان جزء مني ينادي الماضي إذا حل الظلام
وينتظر زائر الليل