السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ,,,
هذا بحث للشيخ الفاضل أيمن سامي
بعنوان :
حكم تولي المرأة أعمال توثيق الزواج و الطلاق و نحوهما
************
الزواج نعمة كبيرة من الله تعالى قال جل وعلا :
" ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها
و جعل بينكم مودة و رحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون "
(1)
وهو ميثاق غليظ كما قال جل في علاه :
" و قد أفضى بعضكم إلى بعض و أخذن منكم ميثاقا غليظا " (2) .
وقد كان الزواج يتم بالإشهار ويكتفى بأمانة وديانة الجميع حتى أصدر أحد خلفاء الدولة الفاطمية (3) مرسوما ً يقضي بكتابة عقود الزواج بسبب كثرة الناس ، وإنكار البعض لحقوق الغير ،
وحينها ظهرت أول وثيقة زواج في مصر ، وكان الذي يتولى هذا هو القاضي ،
ثم حل محله المأذون (4) .
وتوثيق الزواج والطلاق هو شهادة من الموثق على وقوع الزواج أو الطلاق .
وهذه المسألة لم تكن موجودة في عهد الأئمة المتقدمين بل هي مستحدثة كما تبين قبل قليل ؛
وبالتالي هي تحتاج إلى نوع من الاجتهاد حسب أصول وقواعد الفقهاء المتقدمين ،
ولا يوجد فيها نص عن أحد من الفقهاء المتقدمين .
والذي يظهر والله أعلم منع المرأة من تولي توثيق الزواج والطلاق لأدلة منها :
1 ـ قوله تعالى :
" الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض
و بما أنفقوا من أموالهم " (5) .
وجه الدلالة في الآية :
هذه الآية تدل على أن الرجل هو القيم على المرأة أي هو رئيسها والحاكم عليها (6) .
و التعريف في كلمتي الرجال والنساء يفيد العموم أي أن جنس الرجال هو الذي ينبغي أن يكون
حاكما ً على جنس النساء ، وعليه فلا ينبغي أن تكون المرأة هي التي تتولى أمر التوثيق أو غيره
من الأمور التي تكون فيها قيمة على الرجل .
2ـ من السنة :
ما رواه أبو بكرة رضى الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
[ لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة ] (7) .
وجه الدلالة في الحديث :
بين النبي صلى الله عليه وسلم أن كل قوم ولوا أمرهم امرأة ؛ فإنهم لن يفلحوا ،
ونفي الفلاح يقتضي التحريم ، وكل ولاية عامة فإنها داخلة في هذا النهي ،
وحيث أن توثيق الزواج والطلاق تعد من الولايات العامة فإن الحديث يشملها .
3 ـ المأذون هو فرع عن القاضي ، وتولي المرأة القضاء
ممنوع عند جمهور الفقهاء ـ كما سيأتي قريبا ً إن شاء الله ـ والفرع تابع ٌ للأصل .
4 ـ إذا كانت المرأة لا تصلح أن تكون شاهدة على عقد الزواج
أبدا ً كما نص عليه الجمهور (
أو على الأقل لا تصلح منفردة كما نص عليه الأحناف (9) ،
فكيف تكون هي أعلى من ذلك أي تكون هي من يوثق ذلك ؟ ! .
5 ـ من المعقول أن المأذون ينبغي أن يكون مستعدا ً
في جميع أحواله وظروفه ليوثق زواجا ً أو طلاقا ً ، وحيث أن المرأة يعتريها
من طبيعة النساء من الحمل والولادة والحيض والنفاس
مما يتعذر معه مباشرة عملها على الوجه المطلوب ، فلا ينبغي أن يستدعى المأذون لتوثيق عقد ،
فيقال إنه في حالة ولادة فانتظروا حتى تسمح الظروف .
6 ـ التوثيق يتعلق بعقد زواج أوطلاق ـ كما تقدم ـ
والذي يتقدم من أجل الزواج هو الرجل ،
والذي يجيبه على مذهب الجمهور هو ولي المرأة ، والذي يطلق هو الرجل ،
فإذا أجزنا أن تتولى المرأة توثيق هذه الحالات ، فإننا نجبرها على الاحتكاك المستمر مع الرجال ،
وهذا لا تقره الفطرة السليمة فضلا ًعن أصول الشريعة .