الحب حاجة روحية ، ومطلب قلبي ، فقلوبنا جميعا عطشى للحب الآتي من الطرف الآخر ..
كلنا ـ وبلا استثناء ـ نرنوا بأبصارنا إلى حيث يوجد المعشوق ، ونرسل قلوبنا محملة برسائل الشوق ، كي تخبره في حرارة أننا .. نحبه .
وهذا ليس بالأمر المستغرب ، فالحب مطلب فطري لا يمكن مناقشته ..
لكن الغريب حقا هو ذلك الرقي والفهم في تعامل الاسلام مع تلك العاطفة الحارة الملتهبة .
فلقد أعلن المُشرع ـ جل وعلى ـ أن الحب علاقة سامية جميلة ما دامت في إطارها النظيف الرائع ، وأعلن حبيبه صلى الله عليه وسلم : ( أن لا يرى للمتحابين إلا النكاح ) ، لترتبط القلوب برباط وثيق متين عفيف ، وتتباهى بحبها أمام العالم أجمع ، بلا خوف أو توتر أو اضطراب .
ولا يكتفي الاسلام بذلك بل ينفخ في تلك العلاقة من روحه السمحة الجميلة ، فيخبر الزوج أن إعالة حبيبته وحسن رعايتها ، وتفهمه لمطالبها واحتياجها دليل على حسن خلقه ، واكتمال مروءته ورجولته .
ويخبر الزوجة أن عشقها لزوجها ، ودورانها في فلك المحبوب أمر في غاية الأهمية ، ليس فقط في تنمية الحب ، بل في زيادة رصيد الحسنات والعلو في مراتب الجنة ..!
فلقد بين فقهاء المسلمين أن تزين المرأة لزوجها نوع من العبادة ، وطاعته سبب لنيل رضى الله ، ويقول الامام أبي حامد الغزالي ( من آداب المرأة ملازمة الصلاح والانقباض في غيبة زوجها ـ أي الرصانة والهدوء في غيابه ـ والرجوع إلى اللعب والانبساط ، وأسباب اللذة في حضور زوجها .
ويحكي الأصمعي أنه رأى يوما في البادية امرأة عليها قميص أحمر ، ويديها مختضبة بالحناء ، وتحمل سبحة تسبح بها ، فقال لها متعجبا ( ما أبعد هذا من هذا ؟!) ، فقالت له :
ولله مني جانب لا أضيعه وللهو مني والبطالة جانب
يقول ( فعلمت أنها امرأة صالحة لها زوج تتزين له )
اللعب واللهو والتزين والتغنج أمر تحصدين من وراءه الحسنات .. عجيب أمر هذا الدين أليس كذلك ! .