ولد يوم 14 يوليو 1873 في سراي نمرة 3 بالإسكندرية والذي شغلته فيما بعد كلية الآداب جامعة الإسكندرية بعدة سنوات "وكان والدي توفيق والدا حقيقيا بالنسبة لأبنائه ، وكانت والدتي الخير الأكثر قدرة للجميع" مرت طفولته من 1874-1880 في حريم البيت تعلم اللغتين التركية والإنجليزية ، وتعلم في مدرسة بجوار
قصر عابدين ، وإلتحق بمدارس سويسرا 1883-1887 ثم إلتحق بالأكاديمية في
فيينا ، وفي يوم 7 يونيو عام 1892 توفي والده في قصره بحلوان ، ووضع الإمبراطور جوزيف إحدى سفن النمسا تحت تصرفه ، ووصل إلى مصر، توجه إلى الجيش بعد الإحباط الأول في تشكيل نظارة "
حسين فخري" "وفي خلال ستة أشهر تمكن من أن ينظم عمله بطريقة جعلته يشرف فعليا على نظارة الحربية"
وكان له دور مهم في إنشاء
الجامعة المصرية ، وفي ديسمبر عام 1908 أعلن "بسم الله مصدر كل العلوم أعلن إفتتاح الجامعة متمنيا أن تكون قادرة على إفادة كل الطلاب دون تمييز بالنسبة لجنسيتهم أو دينهم".
وصدرت في عهده صحف "اللواء والعلم والشعب والأهالي والجريدة" وإفتتح نادي المدارس العليا تجمعا للطلاب الوطنيين ، وبالإتفاق مع "
جورست" أصدر قرار بالعفو عن المسجونين في
حادث دنشواي ، ويؤكد هو أنه صاحب فكرة بناء
سد أسوان عام
1902 ، وأنه هو الذي وقع المرسوم الخاص بإلغاء السخرة ، وفي حدود خبراته وظروفه سارت خطاه على درب الحكم يتقدم ويتأخر وكتب سطور فترة حكمه بيده يقول: (في شهر مايو عام 1914 تركت مصر لأقضي عطلتي الصيفية المعتادة وأنا أجهل ما يخبئه لي المستقبل ، وذهبت إلى أراض إسلامية لكي أحظى صيام شهر رمضان ، وحين خرجت من زيارة الباب العالي تعرضت لمحاولة إغتيال ، قام بها "
محمد مظهر" ويقال إن "
عبد العزيز جاويش هو الذي حرض مظهر! وفي 19 ديسمبر عام 1914 فضت الحماية على مصر ، وتقرر منعي من دخول البلاد" ، وتوفي في
جنيف عام 1944.
في 19 ديسمبر
1914 نشرت
جريدة الوقائع المصرية إعلان خلع الخديوي وعرض هذا المنصب على "سمو الأمير حسين كامل باشا" أكبر الأمراء الموجودين من سلالة محمد علي.
ومنذ اللقاء الأول بين "
اللورد كرومر" و"الخديوي عباس الثاني في 21 فبراير 1892م "فهم كل واحد منهما الآخر" ، وكتب كرومر: "أرى أن الخديوي الشاب سوف يكون مصريا للغاية ، وإني لأرى في هذا ما ينبئني بما سوف يحدث بعد ذلك ، وكتب "عباس حلمي الثاني" – فيما بعد – عن هذه المقابلة.. "جاء ممثل إنجلترا لمقابلتي .. له وجه يدل على الحيوية ونظرة نافذة .. وقالوا لي .. إنه يشغل أوقات فراغه بترجمة "أوديسة" هوميروس إلى الإنجليزية.. وجعلني كرومر أفهم أنني إذا ما تمسكت بكرامتي ورفضت دور "الكومبارس" الذي ترغب إنجلترا في أن تتركه لي فإنه سوف يدفع الشعب المصري للوقوف ضدي " كان كرومر يوجه كل أفعاله لمصالح بريطانيا ، تدعمه دبلوماسية لها تاريخ.. وفي داخل مصر كان لبريطانيا جيش قوي ، وكان لكرومر مخابرات وصلت إلى إستخدام – على حد قول عباس – بعض رجال القصر ، ولم يكن وراء عباس على حد قوله سوى الفراغ. حاول الخديوي الشاب – عديم التجارب – التحالف مع
الدولة العثمانية ومع
مصطفى كامل ومحمد فريد والشيخ
محمد عبده وسعد زغلول والشيخ
عبد العزيز جاويش ، وقع في سلسلة متصلة من التناقضات المكشوفة.
وكان لعباس حلمي الثاني ثوابت تفسر سياساته التي سار عليها:
- أولا: الوفاء والتقدير لأسرة محمد علي: "الأٍسرة الكريمة .. وإسماعيل العظيم .. وتوفيق الوالد الطيب". وفي مذكراته دافع "عباس الثاني" عن "إسماعيل العظيم". وحاول "عباس" أن يدافع ويبرر تصرفات جده "إسماعيل" ومواقف والده "الرجل الطيب الكريم توفيق!" وألقى اللوم كله على "أحمد عرابي" وحركته وأن "عرابي" هو الذي جلب بتصرفاته الإحتلال البريطاني لمصر ، وهذا الموقف هو الذي تبناه "مصطفى كامل" وسائر أعضاء "الحزب الوطني" "محمد فريد" وعبد الرحمن الرافعي وفتحي رضوان.
- ثانيا: الكراهية لعرابي والعرابيين: كانت كرهيته للثورة العرابية والعرابيين موقفا ثابتا لديه .. يرى أن عرابي أخطأ في مواقفه ، مما أدى إلى إحتلال بريطانيا لمصر ، وإنصرفت كراهيته لعرابي والعرابيين إلى كراهيته للشيخ محمد عبده ولسعد زغلول لصداقته بالشيخ "محمد عبده" ، وهذا لم يمنعه من مدح الشيخ وزغلول في فترة وإظهار العداء لهما في فترة أخرى مما سيجيء توضيحه في موقف الخديوي من "سعد زغلول". وعندما تولى "الخديوي عباس" حظي الشيخ "محمد عبده" بمكانته عند "الخديوي" ، وسعي "الشيخ" لإصلاح الأزهر والمحاكم الشرعية والأوقاف ، ورغم هذا صرح "الخديوي" لأحمد فتحي زغلول شقيق سعد زغلول يقول.. (إنني أكره الشيخ محمد عبده كراهية شديدة) بل إن الخديوي أوعز ل"محمد أبو شادي" عام 1903 بإصـدار جريدة "الظاهر" بغرض مهاجمة "الشيخ محمد عبده" وإسقاط نفوذه الديني وإضعاف العلماء الذين حوله ، وقد شنت الجريدة حملة شديدة على "الإمام" إلى درجة إستفزت الصحف الوطنية – فيما عدا اللواء الموالية للخديوي – للرد على جدرية "الظاهر" وقال "الخديوي" في تفسير موقفه الحاد من "الإمام": (أخذت عليه عناده وإصراره على الخطأ ، وكانت مشاركته في الحركة العرابية قد تركت عنده بصمات لا تمحى من الأخطاء الضخمة).
- ثالثا: الصداقة للشيخ علي يوسف: وكانت هذه أيضا من المواقف الثابتة عند "الخديوي" الذي أعجبته المهارات الخاصة للشيخ علي يوسف فأوعز إليه أن يصدر "جريدة المؤيد" التي إنتشرت في مصر وخارج مصر.. ونجحت "المؤيد" في أن تجمع على صفحاتها "زهور الفكر المصري".
وإزداد تقرب "الشيخ علي يوسف" من "الخديوي" ، وظهر في الناس على أنه أقرب المقربين ، وأيد "الخديوي" الشيخ وقبل أنه تدخل لصاحله في إنتخابات مجلس شورى القوانين عن مدينة القاهرة ، وطعن في إنتخابه وحكمت محكمة الإستئناف بإلغاء إنتخابه ، ويحدثنا"محمد فريد" في ذكرياته بعد الهجرة عن قاض إسمه "موزلي" كان مشهورا بعدم طهارة الذمة ، ومشهورا بالنصب وما مشكلات ذلك ويتداخل في مسائل الرتب والنياشين ، وكان من شركاء الشيخ "علي يوسف" في الأمور السياسية وفي أمور النصب وتوصل "موزلي" إلى أن أصبح رسول الخديوي لدى بعض الكبار الإنجليز بلوندرة ، وكان يأخذ من "الخديوي" مبالغ كبيرة لهذا الغرض ، ووقف "الخديوي" إلى جانب "الشيخ علي يوسف" في مسألة زواجه من السيدة "صفية السادات" ، وفي هذا يقول "محمد فريد" في ذكرياته: "في أغسطس عام 1904 كنت سافرت إلى بلاد النرويج للسياحة ، وعدت إلى ديفون الحمامات ، وكان "مصطفى" بإنتظاري فتوجهنا فورا إلى الأوتيل الكبير .. وكان الخديوي بإنتظارنا وقابلني أحسن إستقبال ، وتحدثنا في قضية زواج الشيخ علي يوسف بصفية بنت السيد عبد الخالق السادات ، وكان الخديوي يساند الشيخ علي مساندة كبيرة ، وقلنا له إن الرأي العام ساخط على الشيخ قال الخديوي "رأي عام إيه هو فيه حاجة إسمها رأي عام أو أمة!" ، وإحتد الخديوي وقال لمصطفى "أنا ما أحبش حد ينصحني أنا عارف الواجب علي" وعاد "مصطفى" إلى مصر وحرر الجواب بقطع علاقته بالخديوي ، وأرسل الجواب من الإسكندرية وأرسل صورته إلى
جريدة الأهرام ونشره في
جريدة اللواء وقطع علاقته بالخديوي مدة سنتين تقريبا.