الاخلاص يفرق بين الحق والباطل

اتجهت الشريعة الي إصلاح النفس البشرية وصقلها بالأخلاق الإيمانية لأن الإنسان هو محرك الحياة. فإذا صلح فهذا معناه قدرته علي دفع مجالات الحياة بما يحقق ارتقاء الأخلاق والمعاملات. فالمسلم الحق الذي استقي مبادئه من نبع الإيمان العذب يكون عنوانا علي الحضارة المعنوية والمادية في أسمي صورها. فكما يقولون: "كل إناء ينضح بما فيه وفاقد الشيء لا يعطيه" فالشريعة لا تهدف الي خلق إنسان روحاني منعزل عن مجتمعه. بل تهدف الي خلق انسان متكامل نافع لأهله وأوطانه. يعرف وقع أقدامه لا يملأ قلبه الرياء أو الحقد والأطماع والسعي وراء الشهرة والجاه. بل إنسان يعمر قلبه الإيمان والإخلاص والوفاء في غير تكبر ولا خيلاء.
فالإخلاص هو سر الأعمال ومعراج الكمال. وهو البرهان الحقيقي علي التوحيد الخالص للمولي عز وجل لأنه يعني اخلاص الوجهة لله فيكون القلب والعقل والنفس والوجدان خاشعين للحق. مما يجعل المؤمن يردد بصدق اليقين قول الحق عز وجل "قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين" الأنعام: 162
لذلك فالمولي عز وجل لا يقبل عملا يشرك المسلم فيه غير الله. فالتقوي الناتجة عن الإخلاص هي السلاح الأقوي الذي يفرق به المؤمن بين الحق والباطل ويرفع به راية الحق في جميع المجالات لأن الشريعة تحرص علي اقتران القول بالعمل ما يحقق نهضة الأمة الإسلامية ووحدتها ولن يتحقق ذلك إلا بإخلاص القلب لله وتحريره من جميع الشهوات والأهواء.. قال رسول الله صلي الله عليه وسلم "إن الله تعالي يقول إني لست علي كل كلام الحكيم أقبل ولكن أقبل علي همه وهواه. فإن كان همه فيما يحب الله ويرضي جعلت همه لله ووقارا وإن لم يتكلم".. وبين الرسول ان الإخلاص هو أساس قبول الأعمال فقال صلي الله عليه وسلم: "إن الله تعالي لا ينظر الي صوركم ولا الي أعمالكم ولكن ينظر الي قلوبكم وأعمالكم" ومن مرونة الإسلام في تقدير الإنسان أنه لم يحرمه حقه في الثناء من الناس طالما انه يخلص الوجهة لله.. فعن أبي ذر قال: قلت يارسول الله الرجل يعمل الصالح لنفسه ويحمده الناس قال: تلك عاجل بشري المؤمن".. اللهم ارزقنا الإخلاص وطهر قلوبنا من كل الأهواء.
د