هل تتفوق لندن علي بكين

قبل أن يفيق العالم من حلم أولمبياد بكين الجميل الذي أجمع العالم كله علي أنه الأروع في التاريخ،‮ ‬فاجأت لندن الجميع بأن العالم سيكون علي موعد مع دورة أولمبية عام ‮2102 ‬تنسيه كل ما حققه الصينيون من منجزات ومعجزات وإبهار‮. ‬فقد كشفت اللجنة المنظمة لأولمبياد لندن عن خطتها،‮ ‬أو بالأحري الخطوط العريضة للدورة الأولمبية القادمة،‮ ‬وأعلنت من الآن عن بعض الابتكارات والأفكار الخلاقة التي تثبت بها للعالم أنها لا تقل عن أهل بكين قدرة علي الخلق والإبداع‮.‬
في البداية يسلم البريطانيون بأن أحفاد ماو وضعوهم أمام تحد كبير،‮ ‬كما يقرون أيضا بأن لدي الصينيين نقاط قوة مثل دقة التنظيم وروعة المنشآت الأولمبية والترحاب الشديد والتواضع الجم الذي يطبع سلوك هذا الشعب بوجه عام‮.. ‬إلا أن منظمي دورة لندن يؤكدون أنه مازال لدي الشعب البريطاني ما يقدمه ليتفوق به علي الصينيين‮.‬
وإذا كان أكثر ما انتزع أعجاب العالم في أولمبياد بكين حفلي الافتتاح والختام،‮ ‬فإن حفلي افتتاح وختام أولمبياد لندن سيشهدان أسلوبا مبتكرا لأول مرة في تاريخ الدورات الأولمبية،‮ ‬حيث ستجري الاحتفالات والمراسم في جميع أنحاء المدينة العريقة،‮ ‬وليس في استاد واحد كما جرت العادة‮.‬
وتقول تيسا جويل المسئول الأول عن الألعاب الأولمبية في بريطانيا،‮ ‬ان‮ »‬استراتيجيتنا الأساسية لدورة لندن تعتمد علي عدم تقليد بكين‮«.. ‬بل ابتكار طرق جديدة تتيح مشاركة لندن كلها في حفلي الافتتاح والختام لتعكس فكرة‮ »‬أولمبياد ديمقراطي‮« ‬في معقل الديمقراطية وأم البرلمانات في العالم‮. ‬كما سيتم اعتماد أسلوب جديد لبيع التذاكر مستوحي من نظام بيع التذاكر المتبع في مسابقة ويمبلدون للتنس للقضاء علي ظاهرة المقاعد الخالية في الملاعب في جميع المسابقات الرياضية،‮ ‬طوال الدورة‮.‬
وتقول جويل إن من بين الأفكار الابداعية أيضا تحويل لندن كلها إلي حفل مفتوح طوال مدة الأولمبياد،‮ ‬مع حشد كل طاقات المدينة لاستقبال نحو ‮005 ‬ألف زائر إضافي يوميا خلال الدورة،‮ ‬وفي سبيل ذلك سيتم تشغيل مترولندن علي مدار الساعة بدون توقف،‮ ‬فضلا عن فتح المتاحف والمعارض الفنية والمزارات السياحية بالمجان حتي منتصف الليل لإتاحة الفرصة أمام ملايين الزائرين الأجانب للاطلاع علي التراث الحضاري والثقافي العريق للإمبراطورية التي كانت يوما لا تغيب عنها الشمس‮. ‬ومن أبرز الأمثلة علي ذلك،‮ ‬أعلنت وزيرة الثقافة آندي بورنهام عن أربعة آلاف مشروع جديد كي تعكس الدور الثقافي لبريطانيا في العالم‮.‬
وأول ما يلفت الانتباه فيما أعلنت اللجنة المنظمة لأولمبياد لندن،‮ ‬أن بريطانيا العظمي بكل تاريخها وقوتها وعظمتها لم تخجل من وضع نفسها في موضع المقارنة مع الصين الدولة النامية حديثة العهد بالدورات الأولمبية،‮ ‬وأنها تقر منذ البداية بأن مهمتها صعبة في التفوق علي ما قدمه الصينيون وبهروا به العالم،‮ ‬كما أنها تحاول البحث عن نقاط القوة لديها لاستثمارها وعدم السقوط في فخ التقليد والتأكيد علي أنها أمة قادرة علي الخلق والابتكار‮.‬
ويلفت الانتباه أيضا أن البريطانيين لم يضيعوا وقتا،‮ ‬بل بدأوا في الكشف عن خططهم في اليوم التالي مباشرة لتسلمهم علم الدورة الأولمبية،‮ ‬ولم يكتفوا بالتصريحات الجوفاء عن الريادة والحضارة والتاريخ‮.‬
هكذا يفكر البريطانيون‮.. ‬وهكذا يبدعون دون تمسح كاذب بالتاريخ العريق والمجد البائد‮.. ‬وهكذا فكر من قبلهم الصينيون وبهروا العالم‮.. ‬أما من أدمنوا الفشل فلم يكن أمامهم سوي ممارسة هوايتهم القديمة في البحث عن كبش فداء وشماعة‮.. ‬قبل الانتقال إلي فشل جديد‮!
‬

ارجو الرد