كيف يتحسر من فاز ؟
كيف يتحسر من نال مراده ؟
أليسوا قد بلغوا آمالهم ؟؟
فعلى أي شيءٍ تكون الحسرة إذن ؟!!
يجيبك على هذا السؤال سيد الخلق ، وحبيب الحق ، أستاذ البشرية
صلى الله عليه وسلم حين قال :
" ليس يتحسر أهل الجنة على شيء إلا على ساعة مرّت بهم
لم يذكروا الله عز وجل فيها "
عجيب أمركم أهل الجنان ، تتحسرون !! لا لأنكم عصيتم الله في الدنيا ..
بل لأنكم تركتم فيها ساعة لم تملأ بذكر الله .. بينما يبكي غيركم لفوات لذاته !!
ويتحسر لفراق شهواته !! فشتان بين الفريقين !!!
يشرح الإمام الأوزاعي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول :
" ليس ساعة من ساعات الدنيا ، إلا وهي معروضة على العبد
يوم القيامة ، يوما يوما ، وساعة بساعة ، ولا تمر به ساعة
لم يذكر الله فيها إلا انقطعت نفسه عليها حسرات ، فكيف
إذا مرت به ساعة مع ساعة ، ويوم مع يوم ، وليلة مع ليلة ! "
لمّا احتضر عامر بن قيس بكى ، فقيل له ما يبكيك ؟ قال :
" ما أبكي جزعا من الموت ، ولا حرصا على الدنيا ، ولكن أبكي
على ظمأ الهواجر ، وعلى قيام ليالي الشتاء "
ومثله معاذ بن جبل رضي الله عنه عند موته .. يتحسر وينادي ربه ويقول :
" يارب .. إنني كنت أخافك ، وأنا اليوم أرجوك .. اللهم إنك تعلم
أنني ما كنت أحب الدنيا لجري الأنهار ، ولا لغرس الأشجار ..
وإنما لظمأ الهواجر ، ومكابدة الساعات .. ومزاحمة العلماء
بالركب عند حلق العلم "
فيـا مـن هِمَّـتُه همة النساء .. يُعجبه ثوبٌ ومطعم !
تضيع منك حبة فتبكي .. وقد ضاع عمرك وأنت تضحك ؟!
لو عرفت قدر ما أعطاك ، ما ألقيت جوهرة قلبك في مزابل الهوى !!
إنما خُلقت الأكوان لأجلك ، والملائكة أسجدهم خالقك لأبيك
أتراك تعرف قدر } فاذكروني أذكركم { أو قيمة } يحبهم ويحبونه {
أو مرتبة }وإنا إلى لقائهم أشد شوقا { ؟!!!
لقد ضَيّعت حَظّكَ من وصالي وَبعتَ بأبخس الأثمان كنزا
فكيف رضيت ياهذا بدونـي وقربك من جناني كان عِزّا
ستعرفني إذا جرّبتَ غيـري وتعلم أنني لك كنت حِرزا
نسأل الله تعالى أن يجعل فكرنا فيما لديه ، وهمتنا فيما ينفعنا يوم القيامة
بين يديه ، إنه على ما يشاء قدير