*·~-.¸¸,.-~*صرخة طفلة......والدي باعني بخمسة آلاف دينار!!! *·~-.¸¸,.-~*
قال تعالي ' ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة
إنَّ في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ' صدق الله العظيم
اشتد الحصار وازداد معه معاناة الناس، فالموت البطيء الذي نعيشه في قطاع غزة بدأ يمس
مفردات العادات والتقاليد والأخلاق والدين، وبدأنا نعيش قصص إنسانية صعبة، فرائحة الموت
بدأت تفوح من كل اتجاه ' أقصد الموت الإنساني والأخلاقي '.
من اجل لقمة العيش أو بعض الدولارات بدأنا نسمع ونقرأ عن أناس بدءوا يفكرون جدياً في
بيع كل شيء حتى أعضائهم، أما القصة التي نملكها فهي لا تقل أهمية وتجسد معاناة
المواطن الغزي الذي عرض كليته للبيع.
طفلة في عمر الزهور، لم يتجاوز عمرها أربعة عشر ربيعاً، لا تملك سوى أحلام ورديه وآمال
بسيطة لم تتعد التنزه واللعب مع إحدى صديقاتها، فوجئت أنها ستصبح عروس دون سابق إنذار
حيث دخل عليها والدها وقال لها بصوت أشج إن شاء الله حفل زفافك الأسبوع القادم،
وغداً ستعقد القران، واندهشت الفتاة وانتابها أحاسيس متناقضة مابين الفرح والحزن، والألم
والأمل، والتفاؤل والتشاؤم، وتهيأت الطفلة (آمال )، من سكان رفح لعقد القران وفي المحكمة
كانت الصدمة، فوجئت بأن عريسها رجل مسن وزوج لامرأتين أخريين بمعني أنها ستكون الثالثة،
صدمت الفتاة وصرخت صرخة عالية معلنة بذلك رفضها واحتجاجها وهنا تدخل الأب بلطمه قوية
أفقدتها توازنها وبددت أحلامها.
وافقت آمال أمام القهر والتسلط وأمام جبروت وقسوة الأب دون رغبتها.
استفزتنا تلك القصة كثيراً وحركت مشاعرنا، وذهبنا إلي بيت الفتاة لمقابلة والدها وسؤاله
عن سبب تزويجه لطفلته برجل مسن ومتزوج، رفض في البداية الإجابة وبعد إلحاح من
قبلنا وافق، وجدناه رجل في العقد الخامس من عمره تحمل تقاسيم وجهه شتى أنواع المشقة
والحزن والمعاناة، وقد أجابنا بعصبية شديدة ( أنا أب لسبعة أبناء، عاطل عن العمل منذ
ثماني سنوات، عشت خلالها علي المساعدات من وكالة الغوث ' الإنروا ' والجمعيات الخيرية
وبعض الأعمال المتقطعة في قطاع البناء؛ ونتيجة أحداث حزيران والحصار الخانق الظالم الذي
رافقها ، بدأت أتسول لقمة عيش أولادي السبع وبعد أن طرقت كل الأبواب التي أوصدت جميعها
بوجهي، ضاقت الدنيا واشتدت خناقها).
ومن قلب المعاناة جاءني صديق، وقال لي لم لا تشترى لنفسك سيارة تعمل عليها، ضحكت ساخراً
وقلت له( لا أملك مليماً واحد في جيبي، وعايزني أشتري سيارة )، فأجابني:
أنا ممكن أعطيك ثمن سيارة وفي المقابل أتزوج ابنتك آمال، وبعد تردد وتفكير وافقت علي
الزواج، وأجبرت ابنتي علي الموافقة، وبعد أن أنهى حديثه, انتابته حالة من العصبية،
وبدأت الدموع تنهمر من عيناه كالنهر ويردد بعض العبارات جلّها تدل علي صعوبة وضعه
المعيشي والمادي، حيث لعن نفسه والزمان الذي أصبح فيه الأب يبيع ابنته.
تلك هي واحدة من قصص المعاناة التي يعيشها الشعب وربما هذا الظاهر، ولكن ربما تكون
هناك بارقة أمل قد تكسر قيد الحصار وظلم الظروف وقسوة المعاناة وجوائر الزمن والزمان.
لا إكـراه... ولا إجبـار!!
ومن جهته أعرب الشيخ العبد سمير أبو لبده عن استيائه إزاء إجبار وإرغام الفتاة علي الزواج،
ولا سيما أنها لا تبلغ سن الرشد ' القاصر'، مستدلاً بأحاديث شريفة حيث قال رسول الله صلي
الله علية وسلم: ' البكر تستأذن'.
وقال الشيخ أبو لبده ا ن إكراه الفتاه علي الزواج بدون القبول والرضا من طرفها، لا يجوز
شرعاً والمرأة لا تغصب علي الحياة الزوجية، ولا يصح ذلك إلا بعد إذنها، إما أن تأذن بصريح
القول، أو أن تسكت وهو الغالب، وإما أن تبكي، وأكد حديثه علي النحو التالي، عن أبي هريرة
رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم، قال: ' لا تنكح الأيَّم حتى تستأمر ولا تنكح
البكر حتى تستأذن، قالوا: يارسول الله وكيف إذنها، قال: أن تسكت '.
وفي نهاية حديثه وجه أبو لبده رسالة إلي كل من يهمه الأمر، قائلاً
علي أولياء الأمور
من آباء وأعمام وأخوال وكل من ولي أمر النساء، أن يتقي الله فيما استرعاه الله، وأن يتخيّر
لمن ولي أمرها الزوج الصالح المكافئ لها بدون إجبار أو إكراه، بل يخيرها ويستأذنها فإن
قبلت به بعد رؤيته فيتم تزويجها، وإن رفضته - سواء قبل الرؤية أو بعدها - فلا يجبرها؛
لأن الحياة الزوجية مبنية علي المحبة والمودة والإجبار ينافيهما ).
لا تعــي المسؤوليــة
وبدورها أكدت المحامية نجوى أبو شهلة أن سن الزواج حدد ببلوغ الفتاة من ا لخمسة عشر عاماً،
والشاب من سن السادسة عشر وعلي هذا السن القاضي يزوجهما وبحضور الولي، هذا
بالإضافة أن القانون أجاز للقاصر في حال بلوغه سن الواحد والعشرون ' سن الرشد '
إجازة الأفعال والأقوال التي صدرت من قبل وليه الشرعي.
وأضافت أبو شهلة، قائلةً: ( إذا ما كان هناك إجراء عقد بدون رضا القاصر في حين بلوغ
سن الرشد القانوني يجوز له إجازة هذا العقد أو طلب إبطاله لكونه صدر من وليه دون
مراعاة مصلحته، وهذه الفتاه التي لم تبلغ سن الخامس عشر، فهي تعتبر طفلة لا تعي مسؤوليات
عقد الزواج التي تم إلقاءها علي عاتقها ).
مبـدأ الكفـاءة
ومن جانبها أكدت مني الشوا، مديرة وحدة المرأة في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان،
إجبار الفتاة بالزواج منافي لكل الأعراف والشريعة، وهذا الأمر يسبب القضاء علي أشكال
تمييز المرأة، مضيفة قائلة
وفق حقوق المرأة يُّعرف في المعايير الدولية بأن الفتاة
لا تتزوج من رجل يكبر منها سناً، أيضاً القوانين العربية تمنع زواج فرق السن،
لكن نأسف بان مجتمعنا لا يوجد في القانون نص يمنع ذلك، علي الرغم من وجود
قانون الأحوال الشخصية والذي ينص فيه مبدأ الكفاءة ومفهومة واضح، إلا أننا نجد عكس
ذلك وهي قضية باتت متفاقمة لا محال في المجتمع الفلسطيني ' لا يوجد كفاءة في العمر بين
الزوجين '، وينتج عنه عواقب وخيمة في المستقبل من كلا الطرفين، نظراً لفرق السن
وعدم الاندماج والتوافق الفكري ).
ومن المقترحات التي يمكن أن تساهم في حل هذه المشكلة, والتي اقترحتها إحدى السيدات
(سيدة الأعمال والناشطة الاجتماعية، بشيرة عبد الرحمن شعت ) بأن توظف هيئة المحكمة
الشرعية موظفاً مختصاًً بسؤال الفتاة على انفراد عند حضورها لكتابة عقد القران بقبولها
أو رفضها بدون تدخل من أي طرف من عائلتها, وإذا ثبت للموظف أنها أرغمت على
هذا الزواج, ففي هذه الحالة يعاقب ولي أمرها بالحبس