التفسير العلمي للصيام

عندما شرع الله جل جلاله الصيام على عباده بين الحكمة من ذلك إذ قال : (
كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ) إذاً الحكمة
من الصيام هي التقوى ، والتقوى من الوقاية ، وتعريفها ببساطة أن تتقي
شيئاً بشيء .


والتقوى في هذه الآية تحمل وجوهاً متعددة فالصيام وقاية من ضعف الإيمان
والصيام وقاية من الأمراض النفسية ووقاية من الانحرافات السلوكية والصيام
وقاية من غضب الله . ولكن لو تدبرت آيات الصيام في سورة البقرة التي ذُكرت
في سورة البقرة ستجد أن الله بعد أن بين أن المريض والمسافر من المعذورين
في الصيام حيث قال : ( وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون ) وهذه إشارة
إلا أن الصيام للمعذور أفضل من الإفطار لأسباب سنبينها بعد قليل . رسول
الله جمع فضائل الصوم كلها بكلمتين إذ قال : ( الصوم جُنة ) أي وقاية ،
واليوم العلم تقدم كثيراً واستطاع علماء مسلمون وغير مسلمين أن يدرسوا
الفوائد الصحية التي تمنحها فريضة الصيام للصائم ، فوجدوا أن الصيام وقاية
من أمراض كثيرة جداً . والعلم الحديث كلما درس بعلمية وتجرد شعيرة من
شعائر الإسلام ؛ وجد فيها خيراً كثيراً للإنسان والمجتمع بشكل عام ، وكلما
تعمق بالبحث وجد نفسه يخدم الإسلام وتعاليمه ؛ وكل يوم يثبت العلم الحديث
أنه لا تعارض مطلقاً بين العلم وتعاليم الإسلام . ومَنْ درس الصيام بصفة
عامة والصيام الإسلامي بصفة خاصة من علماء التغذية والصحة ؛ وجد فيه منافع
صحية كثيرة لا ينتفع بها إلا من أدى تلك الفريضة الإسلامية فألفوا في
الصيام كتباً ، وفتحوا مراكز في أوربا وأمريكا ، عالجوا فيها أمراضاً
مستعصية ؛ بيَّنَ العلمُ الحديث أنه لا يمكن الاستشفاء منها إلا بالصيام
الإسلامي ، حتى أن عالم التغذية الأمريكي البرفسور ( أندريا ويل ) لما درس
ووصايا الرسول لأمته في الغذاء والحمية قال : إن محمداً يجب أن يكون من
أعظم علماء التغذية على مر العصور . التفسير العلمي للصيام : تبين اليوم
أن الصيام جنة أي وقاية كما قال رسول الله ؛ وكما بين سبحانه وتعالى
الحكمة منه ، وهذه الوقاية ليست من مرض واحد ، بل من أمراض وقف الطب
الحديث أمامها عاجزاً ، نحاول أن تستعرض بعضها : أولاً : الصيام يجدد
الخلايا في جسم الإنسان : الثابت علمياً أن الإنسان تموت في جسده بالثانية
الواحدة (150 مليون خلية ) وهذا ما يسمى علمياً بهدم الخلايا ، إذا صام
الإنسان يزداد عدد الخلايا الميتة مما دفع بأحد علماء الغرب لأن يقول : إن
الصيام ضار. فقام فريق من العلماء وعلى رأسهم الدكتور أحمد القاضي ،
ليبحثوا في هذه القضية ، فتبين لهم أن الصيام يساعد فعلاً في موت الخلايا
، ولكنه يساعد على موت الخلايا الضعيفة ، لتنشأ بعدها فوراً خلايا قوية ،
وبالتالي يكون الصيام مقوياً ومجدداً لخلايا الجسم ، وهذا يعني أن الصيام
مفيد جداً للجسم . كما وجد العلماء أن قدرة الكريات البيض في الدفاع عن
الجسم تترفع أثناء شهر الصيام إلى عشرة أضعاف . وهذا ما يؤكد صدق رسول
الله عندما قال : الصوم جنة . أي وقاية . ثانياً : الصيام وقاية للكبد من
الأمراض : الكبد يقوم بإنتاج بروتينات مناعية هي ( إلفا 1 +إلفا2 + بيتا
1+بيتا 2 + غاما ) وجد العلماء أن كبد الصائم تزداد عنده هذه البروتينات
المناعية خمسة أضعاف كما أن قدرة الكبد على إنتاج مضادات السموم تزداد
عشرة أضعاف ، لذلك يُنصح من كان مدمناً للخمر وأقلع عنه بالصيام ، حتى يتم
ترميم الكبد من الخمر ، وليعود للممارسة وظيفته الأساسية . ثالثاُ :
الصيام علاج لمرض تصلب الشرايين : صدر بحث علمي منذ فترة قامت به جامعة (
ويست فيرجينيا الأمريكية ) فدرست الصيام كعلاج لتصلب الشرايين ، فتبن لهم
أن الدهون في الجسم ثلاثة أنواع كوليسترول ودهون ثلاثية ودهون حميدة ،
الصيام يقوم بتقليل نسبة الدهون الثلاثية والكوليسترول لأنها تؤذي الإنسان
صحياً ... ويرفع نسبة الدهون الحميدة التي تنفع الجسم ... مما يؤدي إلى
عملية تطرية للشرايين الصلبة ... كما يقوم الصيام بعملية تنظيف للشرايين
لتصبح أكثر ليونة ، وهذا يعني أن الصيام يقوم بعملية ( قثطرة ) طبيعية
للشرايين ؛ تخلصها من حالة التصلب التي تُصاب بها . رابعاً : الصيام وقاية
من الجلطات : قام فريق من العلماء في جامعة الملك عبد العزيز بالسعودية
بتجربة علمية فأخذوا (100مريض) من الذين يعانون من تكون جلطات في أجسامهم
، وقسموهم إلى قسمين قسم صام تحت الملاحظة الطبية وقسم لم يصم تحت
الملاحظة الطبية ، فوجدوا أن ثلاثة عشر شخصاً من الذين لم يصوموا أصيبوا
بالجلطة ، أما الخمسين الذين صاموا فلم يصب أي واحد منهم بالجلطة على مدى
ثلاث سنوات . كما وجدوا أن هناك أربعة عشر عامل في جسم الإنسان إذا اختل
توازنها يصاب الإنسان بالجلطة ، وعملية ضبط هذه العوامل الأربعة عشر صعب
جداً طبياً ، بالملاحظة الطبية تبين أن الصيام الإسلامي هو الوحيد القادر
على ضبط وتوازن هذه العوامل الأربعة عشر . خامساً : الصيام وقاية من
الاحتشاء القلبي المفاجئ : رسول الله نصح الأمة بصيام الأيام البيض من كل
شهر وهي ( 13+14+15) من الشهر القمري ، بعد رمضان قدرة الكريات البيض على
الالتهام تقل حتى تعود إلى وضعها الطبيعي ، إذا صام الإنسان هذه الأيام
الثلاثة يجعل معدل قدرة الكريات البيض دائماً أعلى من المعدل الطبيعي بعشر
مرات على مدار العام كله هذا من جهة ، من جهة أخرى في الأيام البيض يكتمل
القمر عندئذ يزيد المد والجزر في البحر ، وبما أن الإنسان البالغ يتكون
جسده من 70% من الماء كحد أدنى ، عملية المد والجزر تأثر على الماء في جسد
الإنسان ، مما تزيد من انفعالاته وغضبه وتكثر أخطاؤه في هذه الأيام ،
عندما يغضب الإنسان فإن السكر المخزون في كل خلايا الجسم سيزيد في لحظة
واحدة ليرتفع السكر إلى (400أو أكثر ) فيسبب الاحتشاء القلبي. رسول الله
أوصى الصائم قائلاً : فإن ساببه أحد أو قاتله فليقل اللهم إني صائم مرتين
. لماذا هذه الوصية ؟. يقول العلماء : إذا غضب الإنسان أو خاف أو حزن
يرتفع عنده هرمون الإدرينالين . فإذا ارتفع معدل هذا الهرمون في الجسم رفع
منسوب السكر في الدم فيؤدي لإصابة الإنسان بالاحتشاء القلبي المفاجئ ،
لذلك عندما يترك الصائم الغضب ، فإنه يعمل على إبقاء هذه الهرمون عند
معدله الطبيعي فلا يتعرض قلبه للاحتشاء . رسول الله بماذا نصح الغاضب ،
إذا كان واقفاً يقعد . جالساً يقف . أو يتوضأ . المهم إن المطلوب من
الغاضب أن يتحرك ، لماذا الحركة ؟ حركة الإنسان تقوم بحرق السكر ؛ وترفع
الطاقة الخلوية التي تعمل على حرق السكر أكثر فأكثر ؛ فتحمي هذه الحركة
الإنسان من الإصابة بالاحتشاء القلبي المفاجئ . ويقول العلماء : إن الله
جعل في الكلية باباً للطوارئ ؛ يسمى علمياً بالعتبة الكلوية ؛ إذا غضب
الإنسان غضباً شديداً ، فإن باب الطوارئ يفتح فتمنع نزول السكر في الدم
إلا لو زاد على (180) درجة ، فلو وصل إلى هذه الدرجة يفتح هذا الباب فوراً
فينزل السكر بالبول وينجو الإنسان . سادساُ : الصيام وقاية للكلى : عندما
يصوم الإنسان في رمضان فإن الهرمون المانع لإدرار البول يرتفع منسوبه
فيؤدي ذلك إلى حفظ الماء في الجسم فتصبح الكليتان تأخذ فقط السموم من الدم
دون الماء ، وبالتالي لا تتكون الحصيات هذا من جهة ، من جهة أخرى وجد
العلماء أن أثناء الصيام يزداد تركيز أملاح الصوديوم في الكلية وهذه
الأملاح تمنع تشكل الحصى ، فسبحان الله الذي قال ( وفي أنفسكم أفلا
تبصرون). سابعاً : فائدة الصيام في تنظيم الغذاء للجسم : من هدي النبي أنه
كان لا يركن إلى السكون بعد العصر ويأخذ أصحابه ويتمشون في رمضان بمعدل
ساعة ونصف بعد العصر ولا ينصحهم بالنوم في هذا الوقت . لماذا ؟: تبين
اليوم علمياً أن مخزون الطعام عند الصائم الذي أكله في السحور ، يبدأ
بالنفاذ عند العصر ، ويبدأ الجسم يتغذى من المخزون الاستراتيجي في الجسم ،
هذا المخزون يجب أن يتجدد ولا يمكن تجديده إلا إذا تخلصنا من القديم ، في
رمضان يستهلك الجسم المخزون الاستراتيجي القديم ليخزن بعد رمضان مخزوناً
جديداً ، أما لو أن الصائم لم يستهلك هذا المخزون ، فإنه بعد رمضان
سيتراكم المخزون الجديد فوق القديم ، إذاً الرسول عندما يأمر أصحابه
بالمشي بعد العصر إنما يساعد ذلك في التخلص من المخزون القديم وسمومه .
إذا لم يتخلص الجسم من المخزون سيصاب بالسمنة والترهل لأن الإنسان يخزن في
السنة (ما بين 120 إلى 150ألف وحدة حرارية ) فإن لم يتخلص منها قبل مجيء
المخزون الجديد سيصاب بالسمنة والترهل ، فيكون الصيام والمشي بعد العصر من
أهم عوامل التخلص من السمنة . ثامناً : الصيام يزيد القوة الذهنية
والعضلية : أجرى علماء أمريكان في معهد ( الفيزيولوجي ) تجربة على (400
صائم ) صياماً إسلامياً ليدرسوا تأثير عدم شرب الماء في النهار على جسم
الإنسان ، فوجدوا أن عدم تناول الماء يرفع من نشاط هرمون اسمه (
البروستاجلاندين ) فيرفع هذا الهرمون القدرة الذهنية عند الصائم ... وهذا
عكس ما كان يظنه الناس من أن الصيام يؤثر على القدرة الذهنية ، كما وجدوا
أن ( 200 صائماً منهم ) ازدادت عندهم القدرة العضلية (150% ) كما يرفع هذا
الهرمون من قدرة عمل الكريات الحمراء وإذا ارتفعت قدرة الكريات الحمر زادت
حيوية الجسم وزاد نشاطه . تاسعاً : الصيام وقاية على مدار العام : الوقاية
من الأمراض التي ذكرناها يكون بالصيام في شهر رمضان ، ولكن هناك أحد عشر
شهراً تبقى من السنة كيف يقي الإنسان نفسه من هذه الأمراض ، ارجع إلى سنة
رسول الله تعطيك الوقاية رسول الله قال : من صام رمضان وأتبعه بست من شوال
فكأنما صام الدهر كله . والدهر هنا تعني السنة كلها ، رمضان فيه ثلاثون
يوماً والحسنة بعشر أمثالها يعني كأنما صام (300 يوما ) فإذا صام المسلم
ستة أيام من شوال ، اليوم بعشرة يكون مجموع رمضان مع ست من شوال هو مجموع
أيام السنة كلها . والجسم كما قلنا بالصيام تزداد قوة
جهاز المناعة عنده عشرة أضعاف ، وقدرة الكبد تزداد عشرة أضعاف ، وقدرة
الإنسان الذهنية والعضلية ، فبصيام شهر رمضان مع ست من شوال يعطي جرعة
للجسم في تقوية جهاز المناعة ، وتجدد الخلايا ونشاط الكريات البيض على
مدار العام كله فلا يصاب بهذه الأمراض . عاشراً : الصيام وقاية من الأمراض
التي تصيب الأمعاء : الأدوية التي يتناولها الإنسان فيها سموم كما أن
الغذاء الذي يتناوله الإنسان يبقى جزء منه عالقاً على جدران الأمعاء مما
يجعل الإنسان ثقيلاً البرفسور الأمريكي ( ماك فادم ) في كتابه الصيام يقول
: إن الصيام يساعد في عملية تحلل هذه السموم فيطرحها الجسم ليصفو الجسم
والأمعاء صفاءً كاملاً . وبيَّن عالمُ التغذية الأمريكي بول بريك : أن
الصيام يجنب الإنسان الشيخوخة المبكرة لأنه يمده بالطاقة التي تجدد حيوته
وأخيراً : هذه بعض أنواع الوقاية الصحية التي يقدمها الصيام للإنسان.
ليثبت العلم أن الله جل جلاله ما شرع شيئاً لنا عبثاً . فكل ما شرعه الله
لنا وما نصحنا به رسول الله هو في صالح الإنسان .... فسبحان الله ربي
العظيم

جميل قوى الطريقه الى كتبتى بيها جزاك الله خيرا عملتها ازاى